Appelez-Nous 9h - 15h 📞 57 111 738

الإسلام و عقلنة العالم

20.000 DT
❤️ +20,000 Clients nous adorent !

مما لاشكّ فيه أنّ الأنسنة Humanisation هي بحث الإنسان الدؤوب عن لحظة التحرر والتمرد والانعتاق من قيود الأوامر والنواهي والخطابات الدينية بصفة خاصة التي حاصرته ردحا من الزمن، وسعيه المتواصل إلى التحرّر من المرجعيات اللاهوتية الرمزية التي جثمت على روحه فاغتالت عقله، وأزهقت وعيه، ودمّرت مصيره، ولا غرْو في ذلك بناءً على أنّ بنية المجتمع العربي الإسلامي تعود بالأساس إلى مكوّن من مكوّنات هويته وثقافته هو الدين وطرائق فهمه، هذه الطرائق التي تنهض في أغلبها على الانغلاق الكامل داخل يقينيات القرون الوسطى التي تتخذ صفة الحقيقة الإلهية المقدسة التي لا تناقش ولا تخضع للعقل بأي شكل، بهذا المعنى فإنّ المسلم التقليدي سجين يقينياته المطلقة المسيّجة، باعتبارها من الثوابت ومن المقدّس ومن الأصول مثلما كان اليهودي والمسيحي التقليديين سجيني يقينيات قبل انتصار الحداثة والتنوير في أوروبا.

والحاصل أنّ الأنسنة تتمثّل في تخلّص الباحث للدين والدارس للمقدس من المسلّمات المعرفية والثوابت العقدية والفكرية، والسعي إلى تجاوزها أو استبدالها أو زحزحتها ونقدها، وبذلك يكون عنصرا فاعلا صانعا مدبّرا لا منفعلا، منتجا لا مستهلكا تابعا، وبهذا المعنى يميّز الإنسان بين الدين كمُعطى إلهي مطلق، والدين كممارسة بشرية تخضع لدور الإنسان في الوجود وقدرته على فهم الأشياء وتجاوز المسكوت عنه.

فهل فهم الباحث حمّادي المسعودي الأنسنة على هذا النحو؟ وهل استخلص فعلا أنّ الخطاب القرآني بما هو تحوّل من كونه نصّا إلهيا فصار فهما بشريا لأنّه تحوّل من التأزيل إلى التنزيل، ومن التنزيل إلى التأويل، ومن الشفوي إلى المدوّن؟ وما المراد بالأنسنة عنده؟ وأين تتجلى هذه الأنسنة في أبحاثه وأعماله؟

دار الفارابي